متى تعود إلينا يا بابا

أحمد ..
طفل في السابعة من عمره ..
وشذى ..
بغروب شمس هذااليوم ..
تقطف الزهرة الرابعة من عمرها . .

: : : : * : * : * : : : :

يطرق أحمد الباب على غرفة أمه وهو ينادي ..
ماما . . ماما ..
الأم : نعم يا ولدي .!
هل عدت من المدرسة ؟!
أحمد : ماما ... اليوم ناداني الأستاذ وأوقفني أمام الطلاب وكان يمسح في عطف على راسي
وهو يقول للطلاب : كونوا مثل أحمد ..!!
نعم يا ماما .. وأعطاني هذه الورقة !!
تأخذ الأم الورقة من أحمد فإذا مكتوب فيها :
" المكرم ولي أمر الطالب / أحمد ......... يُسعد إدارة المدرسة دعوتكم لحضور حفل الإحتفاء
بابنكم المتفوّق ،والذي كان خلال دراسته آية في الأخلاق والأدب واحترام معلميه ، ومساعدة أصدقائه ..
لا يسع إدارة المدرسة إلا أن تتقدم لكم بوافر الشكر والعرفان على حسن تربيتكم ونتاجكم اليانع .
ونأمل تشريفكم لنا في حفل الإحتفاء المتواضع الذي ما هو إلا رمز عرفان وتقدير لحسن تربيتكم لإبنكم . .. ودمتم ؛؛؛
التوقيع : مدير المدرسة "

ما إن تتامت للأم كلمات المسطور حتى اصابة يديها رجفة ورعشة ..
واشاحت بوجهها عن أحمد لتواري عنه دمعة ...
وكانها تكابد في نفسها امراً قد اغرق عينيها بدمعها !!

أحمد : ماما ... متى سيعود بابا ليذهب معي إلى المدرسة ؟!!
ماما .. كل الأولاد في المدرسة يهنئوني .. ويريدون أن يروا بابا ..!!
هل سيعود إلينا بابا ..؟؟!!
الأم : وهي تغالب دموع عينيها ، وتتظاهر بالإعياء والتعب ...
تقول في صوت قادم من بعيد ..
وكأنه رجع الصدى ..
لا ياولدي لن يعود إلينا بابا ..
فتخنقهاالعبرة قبل أن تتامّ لها حروفها ..!!
أحمد : ماذا ..؟!
لماذ لن يعود بابا ؟!!
الأم - وهي ترفع راسها في شموخ - : لن يعود إلينا بابا يا ولدي !!
ابوك يا ولدي قد مات ..
مات شهيداً يا بني ..!!!
هل تعرف يا بني ما معنى شهيد ؟!
أحمد - في ذهول - : نعم يا ماما .. اعرف !
الجمعة الماضية سمعت خطيب الجامع يقول :
" الشهيد ..
شامة العز ، ودرّة الزمان ..
باع النفس والنفيس ..
وترك الأهل والأبناء ..
وأرخص الروح فداء لله ...
على اشلائه ..
شُيّدت الأمجاد ..!
وبدمائه ..
سُقيت الكرامة سلسلا عذباًرويّاً..
شهد له التاريخ والزمن ..
وارخى له الكون جفونه..
عظمة وإجلالا ..! "

وسمعته يقول يا ماما :
" دم الشهيد ..
عبقات المسك ..
وأريج الأقحوان ..
غرّة في جبين المجد !!
وللشهيد عند الله ست خصال ...
يغفر له في أول دفعة من دمه ..
ويرى مقعده من الجنة ..
ويجار من عذاب القبر ..
ويأمن من الفزع ..
ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ..
ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين
ويشفع في سبعين من أقاربه

وكان يقول والناس من حوله يبكون :
" دم الشهيد ..
نور ونار ..
نور يضيء درب الصامدين الصادقين ..
ونار ..
تحرق أعداء الدين ...
جمرة تقلقهم ..
وشعلة تطفيء وميضهم !!

هكذا سمعت الخطيب يقول ..
لم أكن أدرك يا ماما سر بكائهم ..!
لكني كنت أبكي معهم ..!
ولم أكن أعرف يا ماما ..
أن ابي إذا صار شهيداً فإنه لن يعود !!!
لأني سمعت الخطيب يقول وهو يبكي :
" لا تقولوا لقد مات الشهيد ..
لا ...
بل أحياء عند ربهم يرزقون ..!! "

: : : : * : * : * : : : :

تضم الأم أحمد إلى صدرها وبين ضلوعها حنين وخنين حتى بلّت خدّ طفلها بدموعها الزاكيات وهي تقول :
نعم ..يا ولدي ..
أبوك لن يعود ..
أبوك الان يسبح في جنات الخلود ..
أبوك لن يعود ..!
لأنه باع حياة الذل والقعود ..
بحياة العزّة والصمود ..!
أبوك يا ولدي لن يعود ...
ولو عاد يا ولدي لتمنى أن يموت شهيدا ثم يعود ..!
يا ولدي ...
يقاطعها أحمد - في ثبات -
لا تبك يا ماما ..أرجوك
كفكي دمعك ..
وارفعي راسك ..
فإني يا ماما قررت ..
أن أموت شهيدا كما مات أبي !!
الأم في ذهول ..!
تدخل عليهما ( شذى ) وهي تقول في براءة :
حتى أنا يا ماما أريد أن أكون مثل بابا شهيدة !!هنا ينسدل الستار ..
وينتهي المشهد !!

مشكور اخوي afro

مشكوووووور

مشكور